كيف أجيب عن سؤال “عرف عن نفسك” في مقابلة المنح الجامعية؟
عرف عن نفسك
أغلب المقالات وكذلك الإجابات عن هذا السؤال تتعرّض للمقابلات الوظيفية، وتهمل الشق الثاني من السؤال وهو المنح الدراسية.
سأجيب بحسب خبرتي الشخصية كمدرّس وأنا لستُ محترفًا ولا أعمل في مجال الموارد البشرية.
أتعامل مع عدد كبير من الطلاب في كلّ عام، بضعة مئات تقريبًا، وأنا لا أعمل مجانًا، هذا يعرّضني لمواقف تشبه موقف اللجنة التي تقيّم طلبات الطلاب في الحصول على المنح الدراسية.
أجدُ نفسي لا أميل لإعطاء المنحة للمتفوّقين، وقد تكون هذه فلسفة خاطئة، لكنّي أبرّر هذا بأنّ المتفوّقين دراسيًا يجدون الكثير من الدعم بينما أصحاب الطموح الذين لم تساعدهم الظروف للتفوّق لا يجدون الدعم، بينما لو تحقّق لهم الدعم فإنّهم سيتفوّقون على المتفوّقين.
بعبارة أخرى أرى من الأفضل إعطاء المنح لمن يُظهر طموحًا وشغفًا.
كذلك أنا لا أهتمّ بقصص الحياة الطويلة والمملّة مهما كانت مليئة بالإثارة والأكشن، بل إنّها تنفّرني، وهنا أيضًا لديّ فلسفة خاصّة وهي أنّ أصحاب القصص المفاجئة سيظلّون يفاجئونك على الدوام، مثلًا أريد اللقاء بشخص، وهو شديد الحماس للقاء، لكن في أوّل موعد يتخلّف والسبب حادث مفاجئ مع ابنة أخته واضطر للبقاء معها في المشفى، بعد أسبوع يتخلّف عن موعد ثان والسبّب تعطّل منظومة الصرف الصحي في بنائه ولا يوجد أحد في المبنى غيره ليشرف على الإصلاح، في الأسبوع الثالث يتصل قبل الموعد بقليل ويطمئن عنّي ويبلغني أنّه هذه المرة في طريقه إليّ، حتّى إنّي أسمع صوت السيارات قربه وأصوات ركّاب الباص، لكنّه مع ذلك يتخلّف، والسبب حادث مروري يتسبّب في اختناق المرور وإغلاق الطرق، فيعود أدراجه، في الموعد الرابع يتّصل بنفس الطريقة السابقة لكنه يقول لي معلومة إضافية أثناء الاتّصال وهي لا تقلق عليّ إن لم أجب على الهاتف لأنّ مستوى البطارية 1% وسينطفئ في أيّة لحظة، وبالفعل ينطفئ الهاتف ولا أستطيع الوصل إليه ولا أعرف سبب التخلّف هذه المرّة لأني قرّرت أنّي لن أسمع كذبةً أخرى فتوقّفت عن الردّ على اتّصالاته في اليوم التالي.
القصد من المثال هو أنّه عندما يروي لي أحدهم قصّة عن معاناته وكيف أنّ المشاكل تعترض طريقه في كلّ مرة ولولا ذلك لكان ألمع إنسان في الكوكب، أنا لا أهتمّ ولا أستمع لنهاية القصة أصلًا.
بعبارة أخرى المسلسلات والأفلام مليئة بالدراما والأكشن ولا أحد يحتاج المزيد منك.
عندما أريد إعطاء منحة لشخص ما أريد أن أتأكد أنّها تذهب في الاتّجاه الصحيح أي أنّه سيستفيد منها، في الغالب عندما نحصل على مساق تدريبي مجاني فإنّنا لا نكمل فيه، صحيح أنّ الانسحابات من المساقات المدفوعة موجودة أيضًا لكن النسبة لا تُقارن بين الحالتين، فهي أضعاف في المجاني، وكذلك فإنّ المنح الدراسية التي تخصم أجور الدراسة فقط ولا تعطي راتب فإنّها في كثير من الأحيان تنتهي بلا شيء، رغم كل الاحتياطات السابقة، لذا من الضروري البرهان على أنّ الطالب سيتابع الدراسة ويستفيد من المنحة.
بعبارة أخرى عليك إظهار تطمينات أو دلائل مادّية على أنّك ستابع في الدراسة حتى النهاية ولن تأخذ فرصة شخص آخر قد يكون بحاجة أكثر منك.
النتائج، النتائج هي أهمّ ما في المنح، ذكرنا أعلاه أنّ معظم المنح تذهب للمتفوّقين، وذلك لأنّ مقدّمي المنح يريدون التفاخر بنتائج الطلاب الذين أعطوهم المنحة، وأنّهم حقّوقا هذه النتائج بفضل منحتهم، لذا سواءً كانت المنحة مقدّمة على أساس تفوّق الطالب أو أيّ أساس آخر فيجب على الطالب المستفيد أن يقنع الجهة المانحة أنّه سيمنحها هذا الشعور بالتفوّق.
بعبارة أخرى عليك إرضاء غرور المانحين، ووعدهم بأنّك ستحقّق النتيجة التي يستطيعون التفاخر بها.
إضافة أضيفها بحسب سؤال سُئلته بشكل شخصي بشأن مقابلة دراسية لكنها ليست منحة، مجرّد مقابلة من شروط الحصول على مقعد دراسي تُعطى درجات شأنها شأن الاختبارات الشفوية.
سأضمّنها ملخّص ما سبق بشكل قائمة:
- عرّف عن نفسك بعبارة قصيرة ولا داعِ لسرد قصّة حياتك كاملةً، فجميع الناس دخلوا الابتدائية ثمّ المتوسّطة ثمّ الثانوية.
- إنْ كنتَ طالبًا أجنبيًا في هذه الجامعة اذكر جنسيّتك، لا داعِ لذكر انتمائك السياسي أو المذهبي والديني (إلا في حالات خاصّة مثل التقدّم لكليّة دراسات إسلامية)
- اذكر نقاط قوّتك، نعم أنا أعلم أنّك تخرجت للتوّ من الثانوية ولا يوجد نقاط قوّة بارزة لديك، لكنك مخطئ، لو كانت الكلية التي تتقدّم لها طبيّة فاستعن بدرجاتك في موادّ العلوم والفيزياء والكيمياء، ولو كانت الكلية أدبية استعن بدرجاتك في مواد الأدب والتاريخ وهكذا.
- إذا أردتَ دعم الفقرة السابقة، إروِ قصّة مثل أوّل كتاب اقتنيته والذي كان عن جسم الإنسان عندما كنت في عمر سبع سنوات، أو أوّل ديوان شعر قرأته عندما كنت في عمر ثماني سنوات.
- غالبًا سيكون لديك قصّة أخرى بعنوان “ربحت في المركز الأول في مسابقة الشعر في الصف السابع في مدرستي” اروها/ ارويها
- بعد هذه القصص انتبه إلى أنّ دورك في الحديث يجب ألا يكون أكثر من 2–3 دقائق وراقب وجه المستضيف، ولا بأس بأن توجّه سؤالًا لو أردت توضيح ما يريد منك بالفعل.
- لا تكذب
- لا تبالغ كثيرًا
- نفس القصة يمكن روايتها بطريقة تبدو فيها ككاذب، أو طموح، مثلًا أنحدر من أسرة جميع أفرادها ينادون بعضهم “دكتور” ستُفهم أنّهم جميعهم أطباء، الطريقة الأخرى لقول نفس العبارة، اعتاد أفراد أسرتي على منادتي “دكتور” منذ كنت في الصف الثالث الابتدائي عندما رسمتُ نفسي وأنا أضع سماعات الطبيب، ستُفهم بأنّ طموحك القديم الذي تعمل عليه منذ سنوات أن تكون طبيبًا.
- لا داعِ لذكر نقاط ضعفك، حتّى لو سئلت عنها، عليك التهرّب من السؤال، وأذكّرك بعبارة الشرطة عندما تعتقل شخصًا في الأفلام “كلّ ما تقوله سيُستخدم ضدّك في المحاكمة”.
- انفخهم، حوّل الحديث باتّجاه آخر، مثلًا: أتطلّع للدراسة في جامعة ××× لأنّها المكان الأفضل لإظهار مواهبي، جامعتكم هي حلمي منذ سنوات.
- المبالغة في الأحلام ليست مبالغة، مثلًا: كنتُ أراقب تصنيف الجامعة في كلّ عام وأقارنها ببقية الجامعات، وجدتُ أنّ أحد معايير رفع التصنيف هو مقدار الأبحاث والجوائز التي ينالها طلاب وخريجو الجامعة، وأعتقد أنّني والجامعة لدينا نفس الأهداف هنا، أنا لديّ الثقة بأنّي سأحصل على العديد من الجوائز لأني أتقن عملي وهذا يحتاج بيئة مثل جامعتكم.
- الجامعة تقدّم مقاعد خاصّة للطلاب الأجانب بهدف التبادل الثقافي (وحتى بهدف التصنيف المذكور أعلاه) لذا لا مانع من التركيز على هذه النقطة، مثلًا: أنا من الطلاب الأجانب الذين يمكن أن أحقق للجامعة الهدف الرئيس من قبولها للطلاب الأجانب، سأكون أفضل ممثّل للثقافة التي أنحدر منها وكذلك سأكون أفضل من ينقل ثقافة طلابكم ومجتمعكم لأبناء قومي وبذلك سأكون سفيرًا مناسبًا في كلا الاتجاهين.