المنشور الأخير
“المنشور الأخير” هذا عنوان مئات المناشير على مواقع فيسبوك وتويتر ويوتيوب نشرها إعلاميّون وناشطون ثوريّون ومدنيّون وحتّى أطفال.
تنوّعت هذه المناشير في سرد اللحظات الأخيرة أو التي يُتوقّع أنّها الأخيرة من حياة ناشرها، وتباينت من المتشائم جدّاً إلى المتفائل بجولات أخرى قد تكون الغلبة للحقّ فيها.
رغم كلّ الخذلان من أمم الأرض قاطبةً ورغم الضوء الأخضر المُعطى للإبادة الممنهجة لم ييئس العديد من أصحاب المنشورات الأخيرة ووجّهوا فيها رسائل لقادة العالم وقادة المعارضة المسلحة يطلبون منهم التدخّل العاجل لإيقاف ما يمكن إيقافه من آلات الإبادة. غالباً كان أصحاب تلك الرسائل من كبار السنّ.
المستوى الثاني من الرسائل كان بالسخرية من كلّ شيء، من الموت، من المناصب، من المشايخ، من الفتاوى، من السياسيين…
أكثر ما لاقى تفاعلاً كان منشور لفتاة تسخر من رجال الدين الذين سيفتون بدخول تلك الفتاة للنار بعد إقدامها على الانتحار خوفاً من التعرض للاغتصاب من قِبل همج النظام.
أمّا المستوى الأقوى من الرسائل كان من الشباب، لسان حالهم يقول تبقّى لنا عدة ساعات قبل مغادرة هذا الكوكب القذر وسنقضيها في الدفاع عن ثورتنا، يجب أن نموت واقفين لا منبطحين.
وأجمل ما أقدموا على فعله حرق جميع ممتلكاتهم الخاصّة، سواءً كانت أيقونات وتذكارات أم كانت سيارات وآليّات ومعدّات، يرافق ذلك كله طلاء أكبر كمية ممكنة من الجدران بشعارات الثورة، ملخّص رسالتهم لن تغنموا منّا إلا ما تحت أقدامنا.