الهند تسبق بريطانيا … اقتصادياً
يقترب الاقتصاد الهندي من التفوق على نظيره البريطاني بحلول نهاية العام ليصبح خامس أكبر اقتصاد في العالم للمرة الأولى منذ أكثر من 100 عام.
وقد كان الدافع الرئيسي وراء هذا التحول الدراماتيكي هو النمو الاقتصادي السريع الذي شهدته الهند على مدار خمسة وعشرين عاما الماضية، بالإضافة إلى مشكلات بريطانيا في الآونة الأخيرة، خاصة تلك المتعلقة بالـ”البريكست”، وتحاول”فوربس” إلقاء مزيد من الضوء على قصة الهند حتى وصولها إلى تلك اللحظة.
– كانت التوقعات قبل استفتاء “البريكست” تشير إلى تجاوز الاقتصاد الهندي لنظيره البريطاني في عام 2020، ولكن الأمور تغيرت بعد تصويت يونيو/حزيران وانخفاض قيمة الجنيه الإسترليني بما يقرب من 20% خلال الأشهر الـ12 الأخيرة.
– أسهمت هذه التطورات في وصول الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا في عام 2016 إلى 1.87 تريليون جنيه إسترليني (2.29 تريليون دولار) بسعر صرف 0.81 إسترليني مقابل الدولار، في حين وصل إجمالي الناتج المحلي الهندي إلى 153 تريليون روبية (2.3 تريليون دولار) بسعر صرف 66 روبية مقابل كل دولار.
– هذا الفارق من المتوقع أن يتسع، وذلك في الوقت الذي ترجح فيه التوقعات المستقبلية للنمو كفة البلد الآسيوي، حيث يتراوح معدل النمو الاقتصادي لدى الهند بين 6 و8%، في حين يتأرجح النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة بين 1 و2%.
– يمثل هذا التحول معلماً مهماً في التاريخ الاقتصادي للهند لفترة تمتد 150 عاما، والذي يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء، الأول فترة “التنوع” ثم فترة “الركود النسبي”، ثم أخيرا فترة “التقارب” مع اقتصاد المملكة المتحدة.
– تبدأ فترة “التنوع” مع انطلاق الثورة الصناعية في بريطانيا في القرن الثامن عشر، وتنتهي مع الاستقلال الهندي عن التاج البريطاني في عام 1947، وفي تلك الفترة لم يكن هناك مجال للمقارنة بين اقتصاد البلدين.
– تمتد فترة “الركود” بين عامي 1947 و 1991، حيث نمت خلالها كل من الهند والمملكة المتحدة بنفس المعدل تقريباً، واختارت الهند في تلك الفترة انتهاج سياسة مغلقة ومركزية فرضتها أدبيات الاقتصاد الاشتراكي .
– بدأت فترة “التقارب” في عام 1991 عندما نفذت الهند أخيرا عددا من الإصلاحات الكبيرة في الأسواق، وخلال هذه الفترة كان النمو الاقتصادي لدى الهند أسرع بكثير منه لدى بريطانيا، ليتمكن أخيرا اقتصاد البلد الآسيوي في عام 2016 من تجاوز نظيره لدى المملكة المتحدة بالأرقام المطلقة.
ما أهمية ذلك بالنسبة للهند؟
– التاريخ يشير إلى أن هذه التحولات مهمة، وأنها يمكن أن تساعد في إبراز القوى الكامنة لدى الشعوب، وكذلك إجبار الآخرين على إلقاء تحيزاتهم الخاصة.
– هزيمة اليابان لروسيا في عام 1905 مثال توضيحي على ذلك، حيث ساعد هذا الحدث في كسر مفهوم استقر لدى كثيرين بعدم قدرة الشرق على إلحاق الهزيمة العسكرية بالقوى الغربية، وسلط كذلك الضوء على النهوض الاقتصادي لليابان خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ويمكن أن يكون تجاوز الهند للمملكة المتحدة اقتصادياً في 2016 بمثابة لحظة مماثلة.
– لهذا التحول ثلاثة آثار مهمة، كونه يسلط الضوء على وصول الهند إلى الساحة العالمية، وحدوث تغير كبير في ديناميات القوى بين الهند والغرب، ويمكن ملاحظة ذلك بالنظر إلى إصرار الهند مؤخراً أثناء مفاوضاتها في صفقة التبادل التجاري مع المملكة المتحدة على تحسين شروط الهجرة بالنسبة للمواطنين الهنود.
– مثال آخر على ذلك، هو فشل رئيسة الوزراء البريطانية “تيريزا ماي” في الحصول على موافقة لعقد لقاء مع مجموعة “تاتا” الهندية التي يعمل لديها 4 آلاف بريطاني في أحد مصانعها التي تعتزم إغلاقها.
– الأثر الثاني، هو أن ذلك التطور يعطي الهند فرصة للتخلص مما بقي لديها من الشعور بالدونية الاستعمارية، ويمكنها كذلك من امتلاك عقلية أكثر انفتاحاً، والسير على خطى الصين التي يتشابه تعدادها السكاني معها.
– وأخيراً، ينبغي على الهند مضاعفة جهودها وإجراء المزيد من إصلاحات السوق، وكذلك الالتفات إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والذي لا يزال أقل من خمس نظيره لدى المملكة المتحدة.