في حياتي صديقٌ سلبي جداً ويتحدّث معي يوميّاً ويبثُّ في نفسي أفكاراً سلبيّة تحبطني كثيراً، ما الذي ينبغي عليّ فعله حتّى لا أتأثّر؟
في حياتي صديقٌ سلبي جداً ويتحدّث معي يوميّاً ويبثُّ في نفسي أفكاراً سلبيّة تحبطني كثيراً، ما الذي ينبغي عليّ فعله حتّى لا أتأثّر؟
شكراً فاطمة لطلب الإجابة
النصيحة التقليدية والتي ذُكِرت في إجابات أخرى هي: اتركي هذا الصديق فورًا…الخ
بالفعل هذا ما يحب أن نفعله في مثل هذه المواقف لكن مهلًا هل قلت “صديق” !!
للأسف هذه النصيحة غير قابلة للتطبيق، لأنّ الخسائر الناجمة عنها كبيرة وهي “خسارة صديق” وعندما نصل إلى هذه المرحلة من الخسارة يجب أن يكون المقابل كبير جداً، وبرأيي أنّه لدينا شخصان فقط يمكن تفضيلهما على الصديق وهما الأخ والأنا، ولديّ شك حول “الأنا” ففي كثير من الأحيان نفضّل أصدقاءنا على أنفسنا.
يبدو أني زدت المسألة تعقيدًا :/
لنتّفق أولاً أن الصديق ليس شخصاً عادياً ولا تربطنا به علاقة عادية، فهو شخص يمكن أن يسمعك ويتقبل نقدك دون حرج، يتقبل نصيحة دون الحاجة لمقدمات بلاغية، يتقبل التقصير دون الحاجة لتأليف الكذبات، تُحكى قصة على سبيل النكتة وهي أن رجلاً نام خارج منزله وشكّت زوجته بخيانته لها، فاتّصلت بأصدقائه واحداً تلو الآخر لتسألهم إن كان قد بات عندهم، فأكّد عشرة منهم أنه بات عنده، وبعضهم حلف الأيمان أنه يجلس بجانبه الآن، لنعود إلى موضوعنا.. إذن فالصديق شخص لا يفكّر بنفسه ولا بالعواقب عندما تكون أنت في مأزق.
إذا كان الصديق الذي تتكلمين عنه بهذه المواصفات فهجرانه صعب ومؤلم، أما إن لم يكن بهذه المواصفات فإن المسألة منتهية، فهو ليس صديق ولا مشكلة أن نهجره ولا بأس بتوبيخيه قبل ذلك.
لنفترض أنه صديق حقيقي، فهو يتقبل النقد، سنحاوره بهدوء عندها ونوضّح له أنه سالي ومحبط، وآراؤه مزعجة ومحبطة وعليه التخلص منها ونساعده في ذلك، حتى لو اضطررنا للذهاب معه إلى معالج سلوكي أو طبيب نفسي، حتى لو اضطررنا للجدال بصوت عالي، ولا أعلم إن كان الضرب وشد الشعر أو الرشق بالماء مسموح بينكما، في مسلسل دكتور هاوس كان هاوس وصديقه واتسون قد وصلا لمرحلة أقوى من الضرب، مثل كسر العكاز ووضع فأر في حوض الاستحمام، أو وضع المخدرات في القهوة الخ من المقالب أو الانتقام لحوادث يومية عادية، كان واحدًا من أقوى المقالب أن سرق هاوس بطاقات مباراة ملاكمة وذهب بحضورها بينما ترك واتسون صاحب التذاكر الأصلي يحضرها عبر التلفزيون ليشاهد هاوس يجلس في الصف الأول.
للأسف فإنّ احتمال التغيير ضئيل، فقد يستمر الصديق السلبي المزعج بإزعاجه للأبد، لذا علينا الانتقال للخطة ب.
أولا، نحن لدينا ضغوطات متفاوتة، أي تمر أوقات مثل أوقات الامتحانات أو تسليم مشاريع العمل الخ، نكون فيها بحاجة للدعم وليس التثبيط، عندها يمكن أن تأخذي إجازة من الصداقة، اطلبي بشكلٍ واضح الابتعاد قليلاً عن الصديق المزعج، طبعاً الحجة جاهزة ومنطقية ولا مشكلة فيها وهي أنا مشغولة بالدراسة لمدة شهر وقررت الاعتكاف، لو كان صديقاً حقيقياً سيتقبل الأمر.
ثانياً، في الغالب المدة الطويلة وتكرار الأحاديث سيخفض من عتبة التنبيه لدينا، أي لن يكون لنفس الأحاديث نفس التأثير مع مرور الوقت، بالتالي عندما نعتاد على الحديث السلبي من شخص ما، لن يكون له القوة المحبطة علينا، وربما نستطيع تمرير الكلام على فلاتر عقلية بشكل لا إرادي بحيث يُفرز الكلام السلبي ويُرمى في قمامة جهازنا العصبي. (هذا ما ندعوه بالدارجة “التطنيش”).
ثالثاً أنا موجود ومستعد للمساعدة في تلقين هذا الصديق المزعج درسًا يليق به.