نوبل في الأدب 2024 مناصفة لشات جي بي تي وجوجل جيميناي
استوكهولم – راغب بكريش
في زمن ليس ببعيد، كان الأدب محصورًا في نخبة صغيرة من المفكرين الذين يجلسون ساعات طويلة أمام أوراقهم، ينحتون الكلمات كما ينحت النحات تماثيل الإلهة أثينا، أما اليوم فلا حاجة لهذا العناء؛ أَدخِل اسمًا وعدّة أوامر prompt إلى ChatGPT، وسيكتب لك رواية في دقائق، ليس ذلك فحسب، بل يمكنه فهم الأحاسيس العميقة للبطلة الأنثى وكأنه أنثى، وأحاسيس الرجل كأنه رجل، وقد يحكي بلسان غزال أو نمر بعمقٍ ودفء أكثر من أي بشري يحاول وصف شعور الغزال أثناء انقضاض نمرٍ عليه ليفترسه، بينما أنت أيها الكاتب التقليدي لا زلت تبحث عن الإلهام بين فناجين القهوة ودخان الغليون.
قد يقول البعض إن هذا إشارة إلى نهاية عصر الإبداع البشري، ولكن يمكن لأيّ عاقل أن يجزم بأنّ الإبداع البشري لا حدود له، فقد أبدع البشر في أساليب لقتل بعضهم وإهانة بعضهم وأساليب لقتل الكائنات التي يتشاركون معها الكوكب، وصولاً لإبداعهم في قتل الكوكب الوحيد الذي يعيشون فيه! يبدع البشر في ارتكاب المغالطات واقتراف التناقضات، يتناولون المنبّهات صباحاً والمهّئات ليلًا، فلا يستطيعون الاستيقاظ ولا يستيطعون النوم، يخترعون السجائر ليدخّنوها ويحشون أجوافهم بالسخام ثم يخترعون الفياغرا والميتوكزانترون والبنسلين لمحو آثارها عن أجسامهم، يخوضون الحروب ثم يضعون قوانين للحرب، يضعون قوانين لحقوق الإنسان من أجل أن يدعسوا عليها، يملؤون حياتهم بالتفاهة، ثم يبحثون عن طرق لزيادة سرعة القراءة! ربما جاء الذكاء الاصطناعي ليكمل تلك الحلقة الغريبة من التسليع والتسريع.
وفي أوّل ردّ فعل لبشري على هذا الخبر، قال الكاتب السوري أدونيس:
“قضيت حياتي أطارد الكلمات، ثم يأتي روبوت ليسرق الجائزة مني؟ هل يفهم الذكاء الاصطناعي ماذا يعني أن تكون إنساناً؟ هل يعرف ماذا يعني أن تكون سورياً؟ أن يسخر منك السوريون والعرب كلهم في كل عام لأنّك لم تحصل على الجائزة التي تستحقها أنت وحدك” تباً للجميع” ◾◾