ما سبب الانهزام السريع لجيش بشار الأسد في حلب و إدلب يوم أمس؟ الإعلام الرسمي لم يصور المعارك كعادته؟
لماذا عاد القتال في حلب بين المعارضة والنظام في هذا التوقيت وما الهدف ؟
معظم الإجابات تحدّثت عن مدى ترهّل الجيش السوري النظامي (جيش بشار) لكن ما يغيب عن ذهن الكثيرين أنّ هذا الجيش مترهّل منذ عشرات السنين، منذ ما قبل الثورة السورية وترهّل أكثر بعد انشقاق جزء كبير منه وترهّل أكثر بعد الهزائم التي ألحقتها فصائل الجيش الحرّ به في سنوات الثورة الأولى.
الفارق اليوم هو أمرين: الأول وهو الأهمّ هو التجهيز والتدريب والتطوير الكبير الذي طرأ على قدرات قوّات المعارضة السورية بكلّ قطاعتها وأطيافها، والأمر الثاني هو انفضاض أهمّ داعمي النظام من حوله وهم مليشيات حزباللة.
التدريب والتخطيط المتقن للمعركة كان استثنائياً وشاملاً ولم تكن هذه المعركة كالمعارك السابقة تعتمد أسلوب “هوشة العرب”، بل كان كلّ طريق وكلّ تلّ يدخل إليه الثوّار وفق خطّة ذات تسلسل وخطوات طويلة جداً ومقصودة، ويقود العمليات ضباط من أهل المنطقة يعرفون تضاريسها بشكل جيد، يحفظون تلالها ووديانها وشوارعها وأزقتها وعدد أشجارها، يعرفون كلّ حجر من حجارها، وليسوا كفلول الهاربين من جيش أبو شحاطة والمليشيات الداعمه له، حيث كانوا يهربون بلا هدى، ينطلقون في كلّ اتجاه وفي أيّ اتّجاه، حتى إنّ بعضهم وصل إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة دون أن يدري.
من أهم مظاهر أو نتائج هذا التخطيط أنّ الخسائر البشرية كانت قليلة جدًا مقارنةً بأيّة معركة سابقة، بالرغم من أنّ قوّات المعارضة لا تمتلك دفاعات جوّية ولا غطاء جويّ، بينما العكس لدى النظام طيران سوري وروسي.
لماذا عاد القتال في حلب بين المعارضة والنظام في هذا التوقيت وما الهدف ؟
أنا لستُ محلّلاً سياسياً أو عسكريًا، سأكتب باعتباري سورياً متابعاً للشأن السوري وأتقن فنون الاستماع للأخبار والبحث عبر جوجل.
بحسب الإعلان الرسمي لغرفة العمليات التي تشنّ الهجوم على حلب، فإنّ الهدف الرئيس هو إعادة المهجّرين إلى بيوتهم، طبعاً يوجد قائمة بالأهداف المتوقعة من العملية، لكن هذا الهدف هو الأهم والأوّل، ويحمل في طياته السيطرة على مناطق واسعة كي تستطيع استقبال الملايين من العائدين.
إذن هذا هو الهدف.
التوقيت، سنكون مخادعين لو لم نربط هذا الحدث بما حدث لحزباللة في الأشهر الأخيرة، هذا لا يعني أنّ هناك اتفاقاً بين قوات المعارضة السورية والاحتلال الإسرائيلي، لكن ما فعلته إسرائيل بحزباللة من قصقصة أجنحتهم ورؤوسهم كان له أثرًا جانبياً مهماً وهو عدم قدرة ما تبقى من حزباللة على صدّ هجوم واسع كهذا وانخفاض مدى دعمهم لنظام بشار الأسد.
الآن لنرى الخطاب الدولي، الخطاب الدولي ليس في هذه اللحظة فقط بل منذ سنة أو سنتين كان قد تصاعد باتجاه إعادة اللاجئين السوريين المنتشرين في كلّ دول العالم، وبخاصة دول الجوار وعلى رأسهم تركيا، بالنظر إلى هدف المعارضة من الهجوم والاستياء الدولي من أزمة اللاجئين، نرى أنّ المعارضة السورية ولأوّل مرة في تاريخها تستطيع الاستفادة من المواقف الدولية وتفرض نفسها على خريطة التوازنات الدولية لتحصل على دعم سياسي في هذه المعركة، يمكن اعتبار الصمت الدولي بمثابة دعم.
لو تُبّتت نقاط السيطرة بعد انتهاء هذه المعركة بحيث تكون حلب كاملةً مع ريفها بالإضافة للمناطق المحررة سابقاً (إدلب وأجزاء من ريفي حماه واللاذقية والرقة) كل هذه المناطق تحت سيطرة المعارضة أي بمساحة تساوي مساحة فلسطين كاملةً، هذه مساحة جيدة وتستطيع إيواء 10 مليون نسمة على الأقل وبقدراتها الخدمية والمرافق الحالية عدا عن مشاريع التطوير المتسقبلية، أي إنها تستطيع استقبال 3 ملايين نسمة من العائدين لسوريا، هذا العدد من اللاجئين العائدين سيحلّ مشاكل اللاجئين في كلّ من لبنان وتركيا ومصر والأردن على الأقل، كما سيمكّن الدول الأوربية من ترحيل من تُرفض طلبات لجوئهم.