الله ليس جهاز حاسوب
عندما تتعامل مع الله فأنت تتعامل مع القوّة الكونيّة المطلقة و العِلْم المُطلَق ولست تتعامل مع برنامج حاسوبي.
في لغات البرمجة عندما تكتب شيفرة برنامج و تنسى فاصلة أو نقطة أو رقم سيتوقف البرنامج عن العمل أو إنّه لن يعمل بالشكل الذي يريده المبرمج.
الكثير من المسلمين الآن يظنّون أنّ الله كومبيوتر و أنّ الدين برنامج فيقول لك يجب أن ترفع يدك إلى الحدّ المعيّن بكذا و كذا حتى تُقبَل صلاتك أو تكون شدّة صوتك كذا ديسبل حتى يُستَجاب دعاؤك أو تتلفظّ بالشيفرة المعيّنة حتّى تُحتسب حسانتك …
يا سادة إنْ لم يعلم الله بنيّتك الحقيقيّة دون التلفّظ بها فهو ليس أهلاً لهذه العبادة و حاشا لله هذا و عليه فإنْ كنتَ ممّن يظنّون تلك الظنون البرمجيّة بالله فأنتَ لست أهلاً لهذه التبعيّة لله العظيم.
نفس العلّة تنسحب على من يُمسِك نصّاً دينيّاً (آيةً أو حديث) وبتفسيره البدائيّ أو المبدئيّ الذي ورد على لسان أحد المجتهدين أو حتّى الصحابة يريد أن يجيب عن مسائل شائكة ذات أهمّيّة كبيرة في الوقت الحالي، غير مدركٍ أنّ النصوص الدينيّة جاءت عامّة بلا تقييّدٍ صارمٍ لتلائم حاجات الناس وثقافتهم في الأزمنة التالية، فتراه مثلاً يصرّ على لا يصوم إلا برؤية الهلال بعينه رغم كلّ ما حقّقته البشرية من تقدّمٍ في الرصد، بل أكثر من ذلك فإنّه بالفعل قد حوّل الأمر ليصبح أشبَه بالبرنامج الحاسوبيّ، حيث جُمِعت الفتاوى وأقول “السلَف” في برمجيّة فتوى تكتب مسألتك فيها وتجيبك، وإنّ سألتَ مثلاً عن شُرْب لبن الفرس للاستطباب جاءك الجواب حرام لأنّه ما من نصٍّ يؤكّد فائدته.
إنّ كلّ برمجيّات الكوكب تخضع للتّحديث، وأرجو أن تُحَدَّث تلك العقول الخشبيّة نفسها قبل أن تُسجَنَ في فاتيكانٍ إسلاميّ نقصده للسياحة والتصوير فقط.
نُشرت هذه المقالة في العربي الجديد بتاريخ 05-09-2017