“زين” تحرر القدس وتنهي أزمات سوريا وبورما وقطر!
أطلقت زين الشركة الكويتية للاتصالات إعلانها السنوي في بداية رمضان، واختارت له هذه السنة ثلاث قضايا إنسانية معًا، وهي التي اعتادت مناقشة موضوع اجتماعي أو إنساني في كل إعلان من إعلاناتها التي تطلقها في المناسبات كبداية رمضان والأعياد وبطولة الخليج لكرة القدم.
هذه السنة تعامل الإعلان مع ثلاث قضايا من أكثر القضايا الشائكة على ظهر الكوكب، هي سوريا وبورما وفلسطين، بل إن القضية الفلسطينية تُعد القضية الأقدم والأكثر تعقيدًا ولا يخفى على أحد كم المؤتمرات والقمم التي خُصصت لأجلها وباءت بالفشل، وكم الحروب والضحايا بُذِلت لأجلها ولم تفلح.
تأتي زين خلال ثلاث دقائق بالحل السحري لأعقد مشاكل العالم وهو كلمة واحدة “التذلل”، حيث اقترح الإعلان توجيه دعوة للإفطار لترامب وبوتين في القدس فقبلوا الدعوة – ببساطة شديدة – وسمحوا لزعماء الخليج بالذهاب للقدس رفقة الطفلة الفلسطينية عهد التميمي التي حررها للتو الطفل صاحب الدعوة.
القضايا الإنسانية والوطنية التي “استغلها” الإعلان قضايا عادلة ومحقة ولا غبار عليها، إذًا لماذا هذا الاستجداء والتذلل الواضح في الفيديو؟ هل ينفع الاستجداء مع هؤلاء؟
كم حملة وكم هاشتاغ أطلقنا؟ كم احتجاج وكم مظاهرة وكم اعتصام أمام سفارات روسيا وأمريكا والأمم المتحدة؟ كل تلك الحملات الشعبية التي أطلقت في قلب أوروبا وأمريكا لم يسمعها زعماؤهم، فهل يسمعون إعلانًا موجهًا للجمهور العربي فقط؟! إني أفهم هذا الإعلان بطريقٍ واحدة هي أنه تلاعبٌ بالرأي العام العربي وتغذية اللاوعي العربي بثقافة الاستجداء والتذلل.
من “سنفجّر” إلى “سيدي الرئيس”
في السنة الماضية وقعت زين في خطأ شنيع وهو المغالطة في تسويق صور ضحايا القصف الروسي على أنهم ضحايا التطرف الإسلامي، في ذاك الوقت أطلقنا هاشتاغات ودعوات للشركة لأن تسحب الإعلان لكنها لم تستجِب، وها هي الآن تريد تحرير القدس بطلب ذلك من ترامب، وتريد إيقاف حرب سوريا بطلب ذلك من بوتين.
فإن كنتِ أنتِ كمؤسسة والقرار لديك أسهل آلاف المرات من قرارات الدول، لم تستجيبي لطلب السوريين – الذي أرفقناه بآلاف الهاشتاغات – فهل يستجيب أولئك الرؤوساء؟ ولو أنهم من ذوي الإحساس والاستجابة لتأثروا بمشاهد الدماء الحقيقية والدمار الحقيقي والنيران الحقيقية، ولم يكونوا لينتظروا مشهدًا تمثيليًا مبتذلًا كهذا.
في السنة الماضية اشتهر إعلان زين بكلمة “سنفجر” وعندما لم تستجب الشركة لطلب السوريين الغاضبين بسحب إعلانها والاعتذار وصلت الرسالة التي مفادها “سنفجر=سنسحق” كل من يعترض، ورسالتها لهذا العام لترمب وبوتين “سيدي الرئيس”، هل لاحظتم؟ نفس خطاب الأنظمة الحاكمة في منطقتنا والمتمثلة بقول الشاعر:
أسَـدٌ عَلَيَ وَفي الحُروبِ نَعامَــةٌ … رَبْداءُ تجفلُ مِن صَفيرِ الصافِرِ
زين، أرجوك ارفعي يدك عن قضايانا التي عجز الرؤساء عن حلها، وارجعي لمعالجة هدر الكهرباء والحفاظ على الماء، فآخر شخص ننتظر منه العطف هو كيم أون الذي يطحن شعبه أو بوتين الذي جرب أكثر من مئتي سلاح جديد في سوريا، وأشك أنهما سيستطيعان ذرف دمعةٍ واحدة حتى لو كان لمشهدٍ تمثيلي.