الوجه الممتع من الرياضيات: أعداد أولية تتمتع بمزايا مدهشة
357686312646216567629137
يُقرأ بالشكل
357 سكستليون و 686 كوينتليون و 312 كوادريليون و 646 تريليون و 216 بليون و 567 مليون و 629 ألف و 137
يتميّز هذا العدد الأوّلي المؤلّف من 24 منزلة بأنّه كلّما أُزيلت مرتبة من اليسار سينتج عدد أوّليّ جديد، أي إنّ العدد:
57686312646216567629137
أيضًا عدد أوّلي، وكذلك العدد:
7686312646216567629137
أيضًا عدد أوّلي، وكذلك العدد:
686312646216567629137
أيضًا عدد أوّلي، وكذلك العدد:
86312646216567629137
وهكذا… حتى نصل إلى: 137، 13، 7
ينتمي هذا العدد إلى مجموعة تُدعى left-truncatable primes أي الأعداد الأوّليّة التي تُنتِج أعدادًا أوّليّة جديدة كلّما اقتُطع منها منزلة من اليسار، والتي تحوي 4260 عددًا، وصاحبنا هذا هو أكبرها حتّى الآن.
مجموعة أخرى
وعلى الطرف الآخر، أي من اليمين توجد مجموعة right-truncatable prime وهي الأعداد الأوّليّة التي تنتج أعدادًا أوليّة جديدة كلّما اقتطع منها منزلة من اليمين، وهي أصغر من المجموعة السابقة وتحوي 83 عددًا فقط أكبرها 73939133 يتكوّن من ثمان منازل فقط ويرجع السبب في أنّ عددها أقلّ بكثير من المجموعة الأولى لأنّه يتوجّب أن تكون جميع الأرقام المكوّنة للعدد فرديّة لأنّ كلّ منها سيحتلّ منزلة الآحاد فيما بعد.
والمجموعة الأكثر إدهاشًا two-sided primes هي التي تحقّق كلا الصفتين معًا، أي إنْ اقتطعنا رقمًا من اليمين أو رقمًا من اليسار سينتج عددًا أوّليًا وهي تضمّ خمسة عشر عددًا فقط هم:
2, 3, 5, 7, 23, 37, 53, 73, 313, 317, 373, 797, 3137, 3797, 739397
هل ينطبق الأمر على الأعداد في نظام العد الثنائي؟
الجدير بالذكر أنّ الأعداد الأولية تبقى أعدادًا أوّليّة مهما كان نظام العدّ المستخدم، لكنّنا طبّقنا الخاصّة السابقة على الأعداد الأوّليّة في نظام العد العشري، وسيكون الأمر مختلفًا لو أردنا تطبيقها على نفس الأعداد بنظام العدّ الثنائي مثلًا، ربّما سيتوجّب علينا إسقاط مرتبتين أو ثلاث مراتب معًا في كلّ مرّة.
ما هي طريقة اكتشاف هذه الأعداد؟
بدايةً يجب التنويه إلى أنّ هذه المجموعات من الأعداد، لا تحوي عناصرها أيّ عددٍ إحدى منازله صفرًا -بالتعريف-.
سنبدأ من المرتبة الأولى (الآحاد) ولدينا تسعة احتمالات 1,2,3,4,5,6,7,8,9 نستبعد منها ما لا يصلح لأن يكون عددًا أوّليًا، يبقى لدينا 2,3,5,7
نجعل أحد هذه الأعداد آحاد للعدد القادم، ونستخرج الاحتمالات الممكنة للعدد المؤلّف من مرتبتين وبالطبع لدينا تسعة احتمالات لكلّ منها ولنأخذ مثلًا 7 فتكون الاحتمالات هي: 17,27,37,47,57,67,77,87,97 ولنكرّر عمليّة الاستبعاد السابقة ونحذف الأعداد غير الأولية ونبقي على الأولية منها وهي: 17,37,47,67,97
نعيد العمليّة السابقة، أي نجعل أحد الأعداد الناتجة (آحادًا وعشرات) بدايةً لعددٍ جديد ونستخرج الاحتمالات الممكنة للعدد المؤلف من ثلاث مراتب وكالعادة لدينا تسعة احتمالات، ولنأخذ 17 مثلًا فتكون الاحتمالات هي: 117,217,317,417,517,617,717,817,917 ولنستبعد الأعداد غير الأولية ونترك الأولية فقط وهي: 317,617
وهكذا نعيد العمليّة السابقة، وفي مثالنا ذاته فإنّ أقصى ما سنصل إليه هو 67392342738317 وبعدها فإنّ كلّ الاحتمالات التسعة التالية ستنتج أعدادًا ليست أولية.
ولنعود للبداية، لو أنّنا اخترنا 7، ثمّ 47، ثمّ 947، ثمّ 3947 سيكون هذا أقصى ما سنصل إليه لأنّ كلّ الأعداد المؤلّفة من خمس منازل وتنتهي بـ 3947 ستكون غير أولية.
إذًا نقطة النهاية تعتمد على الطريق الذي نسلكه في كلّ خطوة، وهذا يوضّح حجم العمل الواجب بئله للوصول إلى هذه النتائج.
ما هي الفائدة من كلّ هذا؟
في بعض الأحيان لا تكون هناك فائدة مباشرة، أو لا تكون هناك فائدة ملحوظة في الوقت الحالي، وبكلّ الأحوال ليست هذه هي الطريقة التي تعمل بها الرياضيّات، الرياضيّات والرياضياتيون يهتمّون بالمتعة بالمسائل الرياضية أكثر من كون تلك المسائل قد تشكّل فائدةً أمْ لا، لأنّ هذه المسائل تفتح أفقًا جديدة للتفكير وتعطينا أدوات جديدة سنستخدمها في الرياضيّات وفي العلوم الأخرى على حدٍّ سواء، وغالبًا ما تمّ استخدام مسائل ونظريّات وحلول رياضيّة في حلّ مشاكل فيزيائيّة أو اجتماعية لم تكن مصمّمةً لها بالأصل، وأقرب مثال على ذلك الاستخدام الهائل للمصفوفات في الحاسوب، والتي كانت في البداية بلا فائدة، علمًا أنّ هناك الكثير من البنى الرياضيّة التي بقيت حتّى وقتٍ قريب بنىً مجرّدة، ولم تُستَخدم تطبيقاتها إلا مؤخّرًا في النظريّات الفيزيائيّة الحديثة التي يلزمها خمسة أبعاد أو عشرة أو أكثر وهذا ما أتاحته لها الفضاءات التبولوجيّة والبنى الجبريّة المعقّدة.
أخيرًا، قلم رصاص يبقى أوّليًا دومًا
من الطريف أنّ الرياضي الإنكليزي Rob Eastaway قد صنع أقلام رصاص محفورٌ عليها عددنا الأولي موضوع مقالنا، وهو يهدي أصدقاءه الرياضياتيين من هذا القلم الذي يقول لهم إنّه مهما قَصُر بسبب البري بالمبراة سيبقى يحمل عددًا أوّليًا.
نُشر هذا المقال في المحطة بتاريخ 5-8-2018
تعليق واحد